الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل: فيمن اتصف بالشهوات: والثاني على ثلاثة أقسام:أحدها: من اتصف قلبه بصفات نفسه بحيث صار قلبه نفسا محضة فغلبت عليه آفات الشهوات ودعوات الهوى فهذا حظه من السماع: كحظ البهائم لا يسمع إلا دعاء ونداء والفرق الذي بينها وبينه: غير طائل.القسم الثاني: من اتصفت نفسه بصفات قلبه فصارت نفسه قلبا محضا فغلبت عليه المعرفة والمحبة والعقل واللب وعشق صفات الكمال فاستنارت نفسه بنور القلب واطمأنت إلى ربها وقرت عينها بعبوديته وصار نعيمها في حبه وقربه فهذا حظه من السماع مثل أو قريب من حظ الملائكة وسماعه غذاء قلبه وروحه وقرة عينه ونعيمه من الدنيا ورياضه التي يسرح فيها وحياته التي بها قوامه وإلى هذا المعنى قصد أرباب سماع القصائد والأبيات ولكن أخطأوا الطريق وأخذوا عن الدرب شمالا ووراء.القسم الثالث: من له منزلة بين منزلتين وقلبه باق على فطرته الأولى ولكن ما تصرف في نفسه تصرفا أحالها إليه وأزال به رسومها وجلا عنه ظلمتها ولا قويت النفس على القلب بإحالته إليها وتصرفت فيه تصرفا أزالت عنه نوره وصحته وفطرته فبين القلب والنفس منازلات ووقائع والحرب بينهما دول وسجال تدال النفس عليه تارة ويدال عليها تارة فهذا حظه من السماع: حظ بين الحظين ونصيبه منه بين النصيبين فإن صادفه وقت دولة القلب: كان حظه منه قويا وإن صادفه وقت دولة النفس: كان ضعيفا.ومن هاهنا يقع التفاوت من الناس في الفقه عن الله والفهم عنه والابتهاج والنعيم بسماع كلامه وصاحب هذه الحال في حال سماعه يشتغل القلب بالحرب بينه وبين النفس فيفوته من روح المسموع ونعيمه ولذته بحسب اشتغاله عنه بالمحاربة ولا سبيل له إلى حصول ذلك بتمامه حتى تضع الحرب أوزارها وربما صادفه في حال السماع وارد حق أو الظفر بمعنى بديع لا يقدر فكره على صيده كل وقت فيغيب به ويستغرق فيه عما يأتي بعده فيعجز عن صيد تلك المعاني ويدهشه ازدحامها فيبقى قلبه باهتا كما يحكى أن بعض العرب: أرسل صائدا له على صيد فخرج الصيد عليه من أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله فوقف باهتا ينظر يمينا وشمالا ولم يصطد شيئا فقال:فوظيفته في مثل هدا الحال: أن يفنى عن وارده ويعلق قلبه بالمتكلم وكأنه يسمع كلامه منه ويجعل قلبه نهرا لجريان معاينة ويفرغه من سوى فهم المراد وينصب إليه انصبابا يتلقى فيه معاينه كتلقى المحب للأحباب القادمين عليه لا يشغله حبيب منهم عن حبيب بل يعطي كل قادم حقه وكتلقي الضيوف والزوار وهذا إنما يكون مع سعة القلب وقوة الاستعداد وكمال الحضور فإذا سمع خطاب الترغيب والتشويق واللطف والإحسان: لا يفنى به عما يجيء بعده من خطاب التخويف والترهيب والعدل بل يسمع الخطاب الثاني مستصحبا لحكم الخطاب الأول ويمزج هذا بهذا ويسير بهما ومعهما جميعا عاكفا بقلبه على المتكلم وصفاته سبحانه وهذا سير في الله وهو نوع آخر أعلى وأرفع من مجرد المسير إليه ولا ينقطع بذلك سيره إليه بل يدرج سيره فان سير القلب في معاني أسمائه وصفاته وتوحيده ومعرفته.ومتى بقيت للقلب في ذلك ملكة واشتد تعلقه به: لم تحجبه معانى المسموع وصفات المتكلم بعضها عن بعض ولكن في الابتداء يعسر عليه ذلك وفي التوسط يهون عليه ولا انتهاء هاهنا ألبته والله المستعان فهذه كلمات تشير إلى معاني سماع أهل المعرفة والإيمان والأحوال المستقيمة وأما السماع الشيطاني: فبالضد من ذلك وهو مشتمل على أكثر من مائة مفسدة ولولا خوف الإطالة لسقناها مفصلة.وسنفرد لها مصنفا مستقلا إن شاء الله فهذا ما يتعلق بقوله: إن من الأنس بالشواهد: التغذي بالسماع وقوله: والوقوف على الإشارات الإشارات هي المعاني التي تشير إلى الحقيقة من بعد ومن وراء حجاب وهي تارة تكون من مسموع وتارة تكون من مرئي وتارة تكون من معقول وقد تكون من الحواس كلها فالإشارات: من جنس الأدلة والأعلام وسببها: صفاء يحصل بالجمعية فيلطف به الحس والذهن فيستيقظ لإدراك أمور لطيفة لا يكشف حس غيره وفهمه عن إدراكها وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الصحيح منها: ما يدل عليه اللفظ بإشارته من باب قياس الأولى قلت: مثاله قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] قال: والصحيح في الآية أن المراد به: الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة منها: أنه وصفه بأنه مكنون والمكنون المستور عن العيون وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.ومنها: أنه قال: لا يمسه إلا المطهرون وهم الملائكة ولو أراد المتوضئين لقال: لا يمسه إلا المتطهرون كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] فالملائكة مطهرون والمؤمنون متطهرون ومنها: أن هذا إخبار ولو كان نهيا لقال: لا يمسسه بالجزم والأصل في الخبر: أن يكون خبرا صورة ومعنى ومنها: أن هذا رد على من قال: إن الشيطان جاء بهذا القرآن فأخبر تعالى: أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ولا وصول لها إليه كما قال تعالى في آية الشعراء: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 210، 211] وإنما تناله الأرواح المطهرة وهم الملائكة ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} قال مالك في موطئه: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس ومنها: أن الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد وإثبات الصانع والرد على الكفار وهذا المعني أليق بالمقصود من فرع عملي وهو حكم مس المحدث المصحف ومنها: أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس: لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة إذ من المعلوم: أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقا أو باطلا بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن العيون عند الله لا يصل إليه شيطان ولا ينال منه ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية فهذا المعنى أليق وأجل وأخلق بالآية وأولى بلا شك فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون لكرامتها على الله فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر.وسمعته يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب والصورة عن دخول البيت فكيف تلج معرفة الله عز وجل ومحبته وحلاوة ذكره والأنس بقربه في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصورها فهذا من إشارة اللفظ الصحيحة.ومن هذا: أن طهارة الثوب الطاهر والبدن إذا كانت شرطا في صحة الصلاة والاعتداد بها فإذا أخل بها كانت فاسدة فكيف إذا كان القلب نجسا ولم يطهره صاحبه فكيف يعتد له بصلاته وإن أسقطت القضاء وهل طهارة الظاهر إلا تكميل لطهارة الباطن ومن هذا: أن استقبال القبلة في الصلاة شرط لصحتها وهي بيت الرب فتوجه المصلي إليها ببدنه وقالبه شرط فكيف تصح صلاة من لم يتوجه بقلبه إلى رب القبلة والبدن بل وجه بدنه إلى البيت ووجه قلبه إلى غير رب البيت وأمثال ذلك من الإشارات الصحيحة التي لا تنال إلا بصفاء الباطن وصحة البصيرة وحسن التأمل والله أعلم. .فصل: في الأنس بنور الكشف: قال: الدرجة الثانية: الأنس بنور الكشف وهو أنس شاخص عن الأنس الأول تشوبه صولة الهيمان ويضربه موج الفناء وهو الذي غلب قوما على عقولهم وسلب قوما طاقة الاصطبار وحل عنهم قيود العلم وفي هذا ورد الخبر بهذا الدعاء: أسألك شوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.يجوز أن تكون الباء في قوله: بنور الكشف باء السبية أو باء الإلصاق فإن كانت باء السببية: كان المعنى: الأنس الحاصل بسبب نور الكشف وإن كانت باء الإلصاق كان المعنى: الأنس المتلبس بنور الكشف فإن قلت: ما الفرق بين الأنس ونور الكشف حتى يكون أحدهما سببا للآخر أو متلبسا به قلت: الفرق بينهما: أن نور الكشف من باب المعارف وانكشاف الحقيقة للقلب وأما الأنس: فمن باب القرب والدنو والسكون إلى من يأنس به والطمأنينة إليه فضده: الوحشة وضد نور الكشف: ظلمة الحجاب وقوله: شاخص عن الأنس الأول أي مرتفع عنه وأعلى منه قوله: تشوبه صولة الهيمان.وذلك: لأن هذا الأنس المذكور يكون مبدؤه الكشف عن أسماء الصفات التي يحصل عنها الأنس ويتعلق بها كاسم الجميل والبر واللطيف والودود والحليم والرحيم ونحوها ثم يقوى التعلق بها إلى أن يستغرق العقل فيما زجه نوع من الأسماء فيقهر العقل بصولته.والهيمان هو الحركة إلى كل جهة بسبب الحيرة والدهشة وذلك إنما يكون مع نوع عدم تمييز وقوة إرادة قاهرة لا يملك صاحبها ضبطها وقوله: ويضربه موج الفناء أي إن صاحب هذا الأنس: يطالع مبادئ الفناء محيطة به فهي تقلبه كما يقلب الموج الغريق وهذا قبل استيلاء سلطان الفناء على وجوده وقوله: وهو الذي غلب قوما على عقولهم أي سلبهم إياها لأنهم شاهدوا شيئا فوق مدارك العقول وفوق كل مدرك بالحواس الظاهرة والباطنة ولا إلف لهم به فأوجبت قوة المشاهدة والوارد وضعف المحل والحامل: غلبته على العقل والكامل من القوم يثبت لذلك ولا يتحرك بل يبقى كأنه جبل وتلا الجنيد في مثل هذه الحال وقد قيل له أما يغيرك ما تسمع فتلا {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] وبعضهم تلا في مثل ذلك: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18] وقوم أقوى تمكينا من هؤلاء: لم يغلبهم على عقولهم بل سلبهم طاقة صبرهم فبدا منهم ما ينافي الصبر وأما قوله: وحل عنهم قيود العلم فكلام لابد من تأويله وتكلف وجه يصححه وأحسن ما يحمل عليه: أن العلم يقيد صاحبه والمعرفة تطلقه وتوسع بطانه وتريه حقائق الأشياء فتزول عنه التقيدات التي كانت حاصلة بسبب خفاء نور المعرفة وكشفها عليه فإن العارف صاحب ضياء الكشف أوسع بطانا وقلبا وأعظم إطلاقا بلا شك من صاحب العلم ونسبته إليه كنسبة صاحب العلم إلى الجاهل فكما أن العالم أوسع بطانا من الجاهل وله إطلاق بحسب علمه فالعارف بما معه من روح العلم وضياء الكشف ونوره هو أكثر إطلاقا وأوسع بطانا من صاحب العلم فيتقيد العالم بظواهر العلم وأحكامه والعارف لا يراها قيودا ومن هاهنا تزندق من تزندق وظن أنه إذا لاحت له حقائقها وبواطنها: خلع قيود ظواهرها ورسومها اشتغالا بالمقصود عن الوسيلة وبالحقيقة عن الرسم فهؤلاء هم المقطوعون عن الله القطاع لطريق الله وهم معاطب الطريق وآفاتها واتفق أن العارفين تكلموا في الحقائق وأمروا بالانتقال من الرسوم والظواهر إليها وأن لا يقف عندها فظن هؤلاء الزنادقة: أنهم جوزوا خلعها والانحلال منها ولا ريب أن من جوز ذلك: فهو مثل هؤلاء والله يركم الخبيث بعضه على بعض فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون فصاحب المنازل: أشار إلى المعنى الحق الصحيح كما أشار إليه شيوخ القوم.وأما استدلاله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة فليس مطابقا لما ذكره في هذه الدرجة فأين طلب الشوق إلى لقائه الباعث على كمال الاستعداد وعلى خفة أعباء السير والمزيل لكل فتور والحامل على كل صدق وإخلاص وإنابة وصحة معاملة إلى أمر مشوب بصولة الهيمان تضربه أمواج الفناء بحيث غلب قوما على عقولهم وسلب قوما صبرهم بحيث صيرهم في عالم الفناء ورسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يكن ليسأل حالة الفناء قط وإنما سأل شوقا موجبا للبقاء مصاحبا له طيب الحياة وقرة العين ولذة القلب وبهجة الروح وصاحب المنازل كأنه فهم منه اشتياقه إلى المشاهدة من غير غلبة على عقل ولا فقد لاصطبار ولهذا قال: من غير ضراء مضرة وهي الغلبة على العقل ولا فتنة مضلة وهي مفارقة أحكام العلم.وهذا غايته: أن يؤخذ من إشارة الحديث على عادة القوم وأما أن يكون هو نفس المراد: فلا وإنما المسئول: أن يهب له شوقا إلى لقائه مصاحبا للعافية والهداية فلا تصحبه فتنة ولا محنة وهذا من أجل العطايا والمواهب فإن كثيرا ممن يحصل له هذا لا يناله إلا بعد امتحان واختبار: هل يصلح أم لا ومن لم يمتحن ولم يختبر فأكثرهم لم يؤهل لهذا فتضمن هذا الدعاء: حصول ذلك والتأهيل له مع كمال العافية بلا محنة والهداية بلا فتنة وبالله التوفيق والله أعلم..فصل: في أنس الاضمحلال في نور الحضرة: قال: الدرجة الثالثة: أنس اضمحلال في شهود الحضرة لا يعبر عن غيبه ولا يشار إلى حده ولا يوقف على كنهه الاضمحلال الانعدام وشهود الحضرة هو مشاهدة الحقيقة والفناء في ذلك الشهود قوله: ولا يعبر عن غيبه إلى آخره حاصله: أن هذا أمر وراء العبارة لا تناله العبارة ولا يحاط به عينا ولا حدا ولا كنها ولا حقيقة فإن حقيقته: تستغرق العبارة والإشارة والدلالة وفي وصفه يقول قائلهم:وههنا إنما حوالة القوم على الذوق وإشارتهم: إلى الفناء الذي يصطلم المشير وإشارته والمعبر وعبارته مع ظهور سلطان الحقيقة التي هي فوق الإشارة والعبارة والدلالة والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ. .قال السعدي: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.هذا جواب سؤال، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} لأنه تعالى، الرقيب الشهيد، المطلع على السر وأخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهو قريب أيضا من داعيه، بالإجابة، ولهذا قال: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة.والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.فمن دعا ربه بقلب حاضر، ودعاء مشروع، ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه، فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء، وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة، فلهذا قال: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة، ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره، سبب لحصول العلم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}. اهـ.
|